الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 22:01

قصة جميلة للأطفال: معطف جدي

كل العرب
نُشر: 16/07/16 15:21,  حُتلن: 08:28

كان جدِّي صالح يَنتظر سيارة السَّفَر؛ لتقوده إلى المطار، ويعود إلى الوطن "فلسطين"، بعد أن قَضى مدَّةً جميلة في مدينتنا إسطنبول".

جدِّي صاحب القامَة الطَّويلة والضخمة، والشَّعرِ الأبيض، والعينين العسليَّتين، أشعُر في وجوده بالهيبة والوقار.


صورة توضيحيّة

كان يَنظر إلى عينَيَّ ثمَّ سألني:
• يوسف، يا بنيَّ، ماذا تَعلم عن بيت المقدِس؟

يوسف:
• أنَّه مكان إقامتِك، وعملِك، وحصادِك، وأتمنَّى أن أزورها يومًا، وأن لا أقضيَ بقيَّةَ طفولتي في تركيا.

قال:
• نعم، وأيضًا ماذا يوجد هناك يا يوسف؟

قال يوسف:
• مممم. لا أعلم؟!
سمعتُ صوتَ السيارة: (بيب. بيب).

قلتُ:
• جدِّي صالح، وصلَت السيَّارة.
قام من مقعده ليغادِر.
قال لي: سعدتُ كثيرًا بزيارتكم يا بنيَّ، أتمنَّى تحقيق أمنيتك صغيري، وهذا معطَفي أُهديه لكم.

قلتُ له:
• جدِّي الغالي، سلمَت يداك، معطفُك سيكون في بيتنا! كأنَّه كبير الحجمِ، لا يأتي على مَقاس أبي، ربَّما لا يأتي على مقاسي أو مقاس إخوتي!

ربتَ على كتفي وقال لي:
• وإن كان كبيرَ الحجم يا بني، "تلبسونه وقتَ الحاجَة".
ركب السيَّارةَ، نظر من النَّافذة، وابتسم لي.

قلت له:
• جدِّي، إنِّي أحبُّك جدًّا، مع السلامة.

حزنتُ كثيرًا لأنَّ جدِّي غادَرَ بيتنا، لكن ما لبثتُ أن عادَت لي السَّعادة حينما تذكَّرتُ مِعطَفَ جدِّي، ما زلتُ في السَّابعة من عمري، أستطيع أن ألعَب به اللُّعبةَ التي أفضِّلها (لعبة التنكُّر).

نادى يوسف:
• ميساء!
آه! ميساء ليست هنا، ما زالت في مدرستها، صحيح؛ أجرِّب أن ألعَب وحدي لعبةَ التنكُّر مع دميَتها (نانا)، وحينما تَعود من مدرستها نلعب معًا.

لبستُ المعطفَ.. ضخَّمتُ صوتي كصوت جدِّي، وبدأتُ بالكلام مع الدميَة، قلتُ لها:
• نانا، يا بنيتي، أريد أن ألبس المعطَفَ، وأذهب إلى المزرعة، اعتني بنفسِك عزيزتي. سمعتِ، هاها!

بدأتُ ألبس المعطَفَ، وزنه ثَقيل على جسدي، لبستُ الجهةَ اليمنى، يدي اليمنى اختفَت من كِبَر حجمه، ولبستُ الجهةَ اليُسرى، حتى لبستُه تمامًا.

الآن سأَذهب، مشيتُ قليلًا وتعثَّرتُ، ثم شعرتُ بشيء يَجعلني أتحرَّك من مكاني، بدأتُ أَدور وأدور فيه، ما هذا؟!

صرختُ بأعلى صوتٍ:
• أنقذوني.
حتى توقَّفتُ عن الدَّوران، وصلتُ إلى مكانٍ جميل، فيه جبال شامِخة، وأشجار عالية خضراء.

شاهدتُ أشخاصًا أعدادهم كثيرة، يَخرجون من مسجدٍ كبير وضخْم، لكن شعرتُ براحة وسَكينَةٍ بين صوت قارئ يَقرأ آيات الله عزَّ وجلَّ.

سمعتُ صوتًا يناديني:
• يوسف، يوسف.
قمتُ مسرعًا إلى الصَّوت الذي يناديني.
• إنَّه يُشبه صوتَ أختي ميساء!
ركضتُ وركضتُ.. حتى عاد المعطف يَدور بي.
آه! لقد توقَّف، عدتُ إلى...

• أين أنا؟
إنَّها نانا دمية ميساء.
إنِّي في البيت الآن، ماذا جرى لي؟ لا أصدق.

وصلَت ميساء وهي تناديني:
• يوسف، يوسف.
انظر ماذا رسمَت لنا معلِّمتُنا الفنَّانة.
قالت: رسمَت لنا المسجدَ الأقصى، وأعطَتنا صورًا حقيقيَّة عنه.

نظر يوسف واندهَش:
• نفس المكان الذي كنتُ فيه؛ لقد كنتُ في المسجد الأقصى، أهذه حقيقة أم خيال؟!

ميساء:
• ماذا تقول يا يوسف؟

قالت لنا أيضًا بلغتها التركيَّة:
• إنَّه المسجد الذي زاره رسولُنا محمد عليه الصلاة والسلام، وأتمنَّى زيارته قريبًا، فالمسجد الأقصى للمسلمين جميعًا في كلِّ أنحاء العالم.

ميساء:
• يا ليتنا نَذهب يا يوسف!

يوسف:
• ميساء، هيا نَلعب لعبةَ التنكُّر بمعطَف جدِّي، ونسافر معًا إلى وطننا!

ميساء:
• بمعطف جدِّي نذهب إلى فلسطين؟!

يوسف:
• نعم، هيَّا ميساء تعالي.

ميساء:
• لحظه، هيا نفكِّر ونخطِّط كيف نُسافر يا يوسف؟
 

مقالات متعلقة