الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 15:02

حول اجتماع باريس التشاوري/بقلم:د.هاني العقاد

كل العرب
نُشر: 30/05/16 11:33,  حُتلن: 12:21

د.هاني العقاد في مقاله: 

كل من واشنطن واسرائيل منذ فترة وهما يحاولان التشويش على كل خطوة في اتجاه تمكين فرنسا من التحالف مع العالم لإعاقة منزلقات ملف الصراع الى المربع رقم صفر والتي تنذر بخطر شديد على المنطقة

موقف واشنطن غير مشجع حتى الان وهذا يوحي بأنها قد لا تبذل دورا فاعلا في مجموعة الضغط الدولي لأنها تؤيد نظرية اسرائيل في المفاوضات المباشرة والتي تصر على أن تكون الراعية الوحيدة لهذه المفاوضات

اسرائيل أخذت تستعد لمرحلة المؤتمر وحشدت ما يلزمها من تطرف تحسبا لفشل موجات التشويش الخارجي والداخلي الموجه من قبل واشنطن وحلفاءها وبالتالي تستعد لمواجهة اي ضغوط دولية

أبو مازن أنهى زيارة ناجحة للقاهرة واكد على مجمل مرتكزات العمل الفلسطيني العربي المشترك في كلمة له أمام الاجتماع التشاوري العربي لوزراء الخارجية العرب في مجلس الجامعة العربية

في الثالث من يونيو ايار القادم، أنظار العالم تنجذب الى إنطلاق اعمال مؤتمر باريس الدولي للسلام في أول محطة له وهو الاجتماع التشاوري لمجموعة الدعم والضغط الدولي التي قد تشمل اكثر من ثلاثين دولة بمشاركة أغلب الكتل المركزية في العالم وبمشاركة أربع دول عربية مؤثرة بالصراع مصر والسعودية والاردن والمغرب العربي وبالطبع فإن المؤتمر سوف ترأسه باريس الدولة المحركة الرئيسية للمساعي الدولية الأخير والهادفة أولا لحشد دعم دولي هام لإستعادة الثقة في الحل السلمي للصراع على أساس حل الدولتين وثانيا إستعادة التركيز الدولي لهذا الاطار والضغط على اسرائيل بأهمية القبول بهذا حتى لا ينزلق الصراع الى ديني يكون مدخل لحالة تطرف كبيرة تصيب المجتمعات الرئيسية في الصراع الفلسطيني والاسرائيلي بما يؤهل لتحالفات عصابية اكثر تطرفا، إلا أن كل من واشنطن واسرائيل منذ فترة وهما يحاولان التشويش على كل خطوة في اتجاه تمكين فرنسا من التحالف مع العالم لإعاقة منزلقات ملف الصراع الى المربع رقم صفر والتي تنذر بخطر شديد على المنطقة لن تنجو منها لعشرات السنوات، واشنطن واسرائيل لم يرق لهما هذا الحراك لأنهما تعتقدان أن ما يجري في المنطقة من تطرف مفيد جدًا ويصب في مصلحة المشروع اليهودي الكبير وبالتالي تحاولان حرف المؤتمر باتجاه المفاوضات المباشرة طويلة الأمد بين الإسرائيليين والفلسطينيين لتحقق لإسرائيل مسارات للهروب من الإشراف الدولي على المفاوضات وبالتالي تتفادي أي ضغط دولي قادم للإلتزام بالمواعيد التي قد تعلن لحل قضايا الصراع واستحقاقات ذلك الحل وهذا بالفعل ما تخشاه اسرائيل حتى اللحظة.

موقف واشنطن غير مشجع حتى الان وهذا يوحي بأنها قد لا تبذل دورا فاعلا في مجموعة الضغط الدولي لأنها تؤيد نظرية اسرائيل في المفاوضات المباشرة والتي تصر على أن تكون الراعية الوحيدة لهذه المفاوضات، لهذا فأنها قررت وعلى لسان وزير خارجيتها جون كيري حضور الإجتماع التشاوري لتشكيل مجموعة الضغط الدولي والتي سيتم خلال اجتماعها تحديد الخطوط الرسمية لعقد المؤتمر الدولي للسلام، ويخش في هذا الاجتماع أن تحاول واشنطن الحشد مع حلفائها لترويج لاتجاه عام يؤثر على مخرجات المؤتمر الدولي العام باتجاه مفاوضات مباشرة في باريس بعيدة عن التدخل والرعاية الدولية وهذا ما لا يساعد اطلاقا على استعادة الثقة في المنطقة لأي إمكانية للحل السياسي، وأخشي أنه في هذا الاطار قد يخطط لإقتراح لجنة مصغرة من مجموعة الضغط والدعم الدولي لمراقبة سير المفاوضات، وما يجعلنا نخشى أن تمرر تلك الخطة على باريس أن رئيس الوزراء الفرنسي (مانويل فالس) صرح اثناء زيارته الأخيرة لإسرائيل أن فرنسا سوف تستضيف مفاوضات مباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين يقرها المؤتمر الدولي للسلام، وقد شعرنا من ذلك أن لغة باريس التي جاء بها فالس ليست كاللغة التي تحدث بها فرانسوا هولاند قبل فترة وليست كلغة (بير فيموند) المنسق الخاص لعملية السلام الفرنسي.

اسرائيل أخذت تستعد لمرحلة المؤتمر وحشدت ما يلزمها من تطرف تحسبا لفشل موجات التشويش الخارجي والداخلي الموجه من قبل واشنطن وحلفاءها وبالتالي تستعد لمواجهة اي ضغوط دولية، وهنا أبعد نتنياهو خصومة البرغماتين في الحكومة وتقرب من العدو الصديق ليبرمان وجاء به كبديل للبرغماتين وبالتالي فان اسرائيل تعتبر نفسها الان على وشك الدخول في معركة سياسية مع العالم وتستعد لاستخدام حيل دفاع قومية تلجأ فيها اسرائيل الى خطة هروب معروفة ومعهودة في تاريخها بإحداث أزمة اما سياسية داخلية تحل على أثرها الحكومة ويتم الدعوة لانتخابات مبكرة او الهرولة لاستدراج الفصائل الفلسطينية لجولة جديدة من القتال وبالتالي سيحاول العالم فك الاشتباك المسلح والصراع الدموي قبل أن يحاول ارساء أسس السلام الحقيقي القائم على إنهاء الاحتلال وتطبيق ما جاء في القرارات الشرعية والمبادرة العربية التي نأمل ألا يتم تعديلها لإسترضاء اسرائيل .

الرئيس أبو مازن أنهى زيارة ناجحة للقاهرة واكد على مجمل مرتكزات العمل الفلسطيني العربي المشترك في كلمة له أمام الاجتماع التشاوري العربي لوزراء الخارجية العرب في مجلس الجامعة العربية بغرض توحيد الجهد العربي نحو تثبيت مرجعيات عملية السلام كثوابت لا يقبل العرب بغيرها وبالتالي تحديد الدور الذي يجب أن تقوم به المجموعة العربية في لجنة الضغط والمساندة الدولية القادمة للحفاظ على هذه المرجعيات والعمل في ذات الوقت على تحييد التأثير الأمريكي الإسرائيلي على اعضاء مجموعة الدعم والمساندة الدولية التي ستتشكل في الإجتماع التشاوري في باريس، ولعل الرئيس هناك في مصر اكد على ضرورة تحقيق المصالحة الفلسطينية لخطورة بقاء الإنقسام كورقة تعيق أي حل سلمي في المستقبل. رغم كل ذلك يبقي هنا سؤال كبير، هل تستطيع باريس تشكيل مجموعة ضغط ومساندة دولية تمضي بالمؤتمر الدولي للسلام لينهي الصراع الطويل بين الفلسطينيين والإسرائيليين ومعه تقام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس بعيدا عن التأثيرات الامريكية الاسرائيلية وبالتالي تتمكن من اغلاق الطريق أمام كل القوى التي تحاول الدفع باتجاه دخول الصراع في مسارات متطرفة يسقط معها آلاف الضحايا وتعاد فيها رسم خارطة الاقليم تبقى معها حالة الأمن والإستقرار لشعوب المنطقة في حالة توتر مستمر لتبقى السيادة وحدها في المنطقة للمعسكر الاسرائيلي الامريكي.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة