الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 20 / أبريل 00:02

فقط في فلسطين/ بقلم: أحمد ياسين

كل العرب
نُشر: 23/05/16 09:23,  حُتلن: 09:31

أحمد ياسين:

في هذه الأرض فقط، ترى أشخاصاً يمتلكون بيوتاً وسياراتٍ فارهةً تساوي قيمتها ملايين الدولارات، وميزانية السلطة الفلسطينية في عجزٍ منذ بدء الخليقة

في هذه البلاد فقط، تخرج الناس للشوارع لتتظاهر على قانون الضمان الاجتماعي الذي لا يضمن لأحدٍ شيئاً، والمضحك أنك لا تعلم تفاصيل القانون ومن أطلقه وكيف تم مناقشته


حصرياً....... في فلسطين فقط، ترى التناقض في العيش بين الاحتلال وشبه الاحتلال، وفي فلسطين فقط ترى كل ألوان الطيف متمثلةً في بطاقاتِ هوياتٍ تعريفية، وجوازات سفر، وغيرها من الأوراق الثبوتية. وفي فلسطين فقط تستطيع أن تكون فلسطينياً، ولكن اسرائيلياً، ومقدسياً، ولكن أردنياً، وغزياً، ولكن مصرياً. فقط في فلسطين تستطيع رؤية كل هذه الأشياء.
في فلسطين فقط، تكون نسبة البطالة تقريبا 30%، والكثير يجلسون على مكاتب أمام شاشات أجهزة الحاسوب، يحتسون القهوة ويقرأون الجرائد، او يتصفحون صفحاتهم على الفيسبوك ويتذمرون من ضغط العمل. وفي فلسطين فقط، ترى أن نسبة 23% من الشباب لديهم الرغبة في الهجرة وعدم العودة للبلاد وهم نفسهم يدافعون عن البلد.

هنا فقط، يخرج الشخص صباحاً، ولا يعلم إذا كان سيعود مساءً. وفي هذه الأرض فقط، ترى أشخاصاً يمتلكون بيوتاً وسياراتٍ فارهةً تساوي قيمتها ملايين الدولارات، وميزانية السلطة الفلسطينية في عجزٍ منذ بدء الخليقة. وفي فلسطين فقط، نلوم الاحتلال على إلقاء أحدهم القمامة في الشارع!

في فلسطين فقط، العِلم يشترى ويباع، والطالب أغنى من الأستاذ، و الجامعة مسرح لعرض الأزياء. هنا فقط، البحث لا يساوي شيئاً والتلقين ندفع ثمنه غالياً من عرق جبين الآباء والأمهات. في فلسطين فقط، ترى وزارة التربية والتعليم، وتكاد لا ترى تربيةً ولا تعليم. في فلسطين فقط، ترى شخصاً في العشرين ماشياً يضحك وحده من شدة الإحباط والألم.

في هذه البلاد فقط، تخرج الناس للشوارع لتتظاهر على قانون الضمان الاجتماعي الذي لا يضمن لأحدٍ شيئاً، والمضحك أنك لا تعلم تفاصيل القانون ومن أطلقه وكيف تم مناقشته، ومن ثم تحتج وتحتج وتعترض، وتتفاجأ بالنهاية أن القانون يتم تطبيقه "خاوة". وفي فلسطين فقط لا نحفظ أسماء الوزراء ولا الحكام ولا الرؤوساء، فهم لا يتغيرون أبداً، صامدين كما الزيتون والتين والزعتر!
ولهذه البلاد فقط قال درويش: "على هذه الأرض ما يستحق الحياة" ونحن ما زلنا لم نذق للحياة طعماً. وفي هذه البلاد نغني: "يا ظريف الطول، وقف تقلك، رايح عالغربة بلادك أحسنلك"، ونحن نحلم بركوب الطيارة والهروب بعيداً. وفي فلسطين فقط ترى العجائب والغرائب والتناقض والتسامح والتماثل والتشاطر والتقاتل والتفائل والتواصل والتكاتف، والتعاضد، والتشائم، وغيرها الكثير، فإنني لا أحفظ المترادفات ولكنني أعلم شيئاً واحداً:
فقط في فلسطين، هناك فلسطين، ولا أحد غيرنا يفهم معنى فلسطين!

الكاتب من رام الله ويعمل في مجال التنمية المجتمعية
 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net


مقالات متعلقة