الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 13:02

القوات الكردية وحصان طروادة/ بقلم: عبد الباري عطوان

كل العرب
نُشر: 23/05/16 07:54,  حُتلن: 07:57

عبد الباري عطوان:

كل هذه التحركات الامريكية الكردية السورية المعارضة تأتي في اطار الاستعداد لخوض حربين متوازيين

الحرب النفسية تشتعل تمهيدا للحرب العسكرية، فالسيد ابو محمد العدناني، المتحدث باسم “الدولة الاسلامية” ظهر لاول مرة منذ سبعة اشهر في شريط مصور يحث انصاره على تنظيم هجمات ضد الولايات المتحدة واوروبا

في شهر كانون الاول (ديسمبر) الماضي التقيت في بيروت باستاذ علوم سياسية، ورئيس مركز ابحاث كردي مرموق في اربيل، ووزير سابق في حكومتها، واعربت له عن احساسي بأن الولايات المتحدة تخطط من اجل استخدام قوات كردية “كحصان طروادة” لاقتحام الموصل، واخراج قوات “الدولة الاسلامية” منها، فأكد لي ان احساسي هذا في غير محله، لان الاكراد لن يكونوا اداة في يد الامريكان لمحاربة العرب، والغرق في بحيرة دموية من الثأرات تستمر لعقود.
بعد ستة اشهر من هذا الحديث يصل الى الاراضي السورية، وبالتحديد مدينة عين العرب (كوباني) الجنرال الامريكي جوي فوتيل في زيارة سرية خاطفة، يلتقي خلالها قوات امريكية خاصة على الاراضي السورية (250 جنديا)، ومسؤولين في “قوات سورية الديمقراطية”، التي تتبع للسيد صالح مسلم، زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، بالاضافة الى مقاتلين عرب سوريين، يعتقد انها “قوات النخبة” التي اسسها السيد احمد الجربا، رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض السابق.
الجنرال الامريكي بيرت ماكفورك، مبعوث الرئيس الامريكي باراك اوباما لدى التحالف الدولي لمحاربة “الدولة الاسلامية” وصل الى مدينة عين العرب ايضا، والتقى السيد مسلم، الذي حضر الى المدينة من السليمانية على ظهر طائرة امريكية، ويعتقد انه التقى ايضا الجنرال فوتيل.
كل هذه التحركات الامريكية الكردية السورية المعارضة تأتي في اطار الاستعداد لخوض حربين متوازيين، الاولى في الشرق لمحاربة “الدولة الاسلامية” في الموصل، والثانية، في الجانب الغربي المقابل لـ”تحرير” مدينة الرقة، واخراج قوات “الدولة” منها.


الخطة الامريكية الجديدة تقوم على اساس تقدم قوات البشمرغة الكردية المدعومة من قبل قوات امريكية خاصة، الى جانب بعض وحدات الجيش العراقي باتجاه الموصل، بينما تتقدم قوات جيش سورية الديمقراطية الكردية، التي يزيد تعدادها عن 50 الف جندي، نحو الرقة، مما يؤدي الى حصار “الدولة الاسلامية” وقواتها من كل الجهات تمهيدا للقضاء عليها.
الحرب النفسية تشتعل تمهيدا للحرب العسكرية، فالسيد ابو محمد العدناني، المتحدث باسم “الدولة الاسلامية” ظهر لاول مرة منذ سبعة اشهر (جرى تسريب انباء عن مقتله) في شريط مصور يحث انصاره على تنظيم هجمات ضد الولايات المتحدة واوروبا، مؤكدا ان الحشودات الامريكية لا تخيف التنظيم ورجاله الذين سيواصلون القتال، ومشددا على ان الرقة لن تسقط، فبينما تقوم طائرات التحالف الامريكي بالقاء منشورات تطالب اهالي المدينة بالمغادرة، وتقول لمقاتلي “الدولة” “اقترب موعدكم، اقتربت نهايتكم”،، فهل اقتربت النهاية فعلا؟
من الصعب الاجابة على هذا السؤال، فالهجوم على الرقة والموصل لم يبدأ بعد، وان كانت الاستعدادات جارية، وفق الخطة التي وضعها الجنرال الامريكي فوتيل، التي ستشرف عليها القوات الامريكية الخاصة ارضا، وطائرات التحالف الامريكي جوا، والجنرال فوتيل هذا كان قائدا لعموم القوات الخاصة الامريكية بمختلف وحداتها، وكان ضابطا فيها، اي انه يملك خبرة ميدانية كبيرة.
لا شك انها ستكون معركة صعبة على الجانبين، الجانب المهاجم، والجانب المدافع ايضا، وستكون دموية، تسفر عن خسائر كبيرة في الارواح، ارواح العسكريين والمدنيين ايضا، فالرقة والموصل غابتا اسمنت، ولن يكون امام مقاتلي “الدولة الاسلامية” اي خيار آخر غير القتال حتى الموت.
هناك ثلاثة اسئلة تطرح نفسها ولا بد من اجابة عليها اذا اردنا التكهن مبدئيا بتطورات هذه الحرب الوشيكة ونتائجها:
الاول: كيف يصل جنرال امريكي، ويحمل هذه الرتبة العالية (الجنرال فوتيل) الى الاراضي السورية، ويجتمع مع قواته الخاصة، واخرى عربية وكردية، دون ان يأخذ اذنا من احد، فهل اصبحت سوريا ارضا مشاعا مفتوحة للجميع، لكي يعدون طبخاتهم حول حاضرها مستقبلها؟ وكيف يقبل الجنرالات الروس بذلك، ولماذا لم يصدر عنهم اي احتجاج، والشيء نفسه يقال ايضا عن حلفائهم السوريين والايرانيين، فهل هم جميعا متواطئون في هذه الطبخة؟ ام انهم آخر من يعلم؟
ثانيا: ما هو الثمن الذي سيحصل عليه الاكراد، سواء السوريين منهم او العراقيين، مقابل الدخول في هذه الحرب المحورية ضد “الدولة الاسلامية”؟ وهل ستأتي الدولة الكردية الموعودة على انقاض “الدولة الاسلامية”، كليا او جزئيا؟
ثالثا: اين العرب، وحلفاء امريكا خصوصا، مثل قطر والسعودية؟ واين الاتراك؟ وهل هم على علم بهذه السيناريوهات ويشكلون طرفا فيها؟ ام انهم مهمشون كليا مثل “الجيش الحر” و”المعارضة المعتدلة”، على سبيل المثال؟


نكتفي في هذه العجالة برصد ملامح الطبخة الامريكية الجديدة وعناصرها، دون تذوق طعمها، او وصف رائحتها، وهي كريهة على اي حال، وطرح هذه الاسئلة التي من المفترض ان ترسم اجاباتها اول ملامح الحدود الجديدة لدول اتفاق سايكس بيكو2″، الذي تضع خطوطه العريضة التفاهمات بين سيرغي لافروف، الروسي وجون كيري الامريكي.
“الدولة الاسلامية” سيطرت على الموصل بعد الرقة في شهر رمضان عام 2014، فهل سيكون رمضان المقبل الذي بات على الابواب شاهدا على هزيمتها، وبالتالي زوالها؟
لدينا شكوك كبيرة.. ولكن ما نعرفه، ونؤكد عليه، ان هذه “الدولة” لن تذهب بسهولة، مهما تعاظمت القوى التي تتحشد ضدها.. فهذه حرب طويلة ومعقدة، وغير مأمونة العواقب، وان كانت حتمية.
ربما توقف تمدد هذه “الدولة” في سورية والعراق في الاشهر الماضية، وتبدو في طريقها للانكماش في ليبيا، اذا ما بدأ هجوم متوقع لقوات خاصة غربية واردنية ضدها، ولكن لا نعتقد ان الاحتفالات بإنزال اعلامها من صوارها، ورفع اعلام التحالف مكانها باتت وشيكة.

نقلا عن الرأي اليوم

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

 

مقالات متعلقة