الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 23 / أبريل 06:01

مَصائِب قوم عِند قوم فوائِد! - بقلم: أزهار شعبان

كل العرب
نُشر: 24/04/16 03:11,  حُتلن: 03:57

لقد عاهدتُ نفسي منذ فترة أنني لن أتوقف عن الكتابة يوما ما دام القتل والعنف يفتك بمجتمعنا, لذلك أظن أنني سأكتب حتى آخر رمق في حياتي لأنه وكما يبدو أن هذه الظاهرة المتوحشة لم ولن تنتهي أبدا بل على العكس لقد استشرت في مجتمعنا وأصبح من الصعب لا بل من المستحيل تجذيرها! أجلس هناك, في زاويتي الخاصّة مُتابعة لكل تفاصيل القضيّة التي أود أن تنتهي بأسرع وقت مُمكن مع أقصى عُقوبة مُمكنة أيضا.
كالعادة, البدلات تتدفّق من هُنا وهُناك ومن كل حَدب وصَوب! (أقصد المُحامين)
أتساءلُ عن أيّة جرائم يُدافع أصحاب البدلات تلك؟؟ لأجد أن الأكثريّة يُدافعون عن أشخاص مُتهمين في قضايا قتل وعنف وضبط أسلحه!!!



أتساءل بأي ضَمير يقفون أمام القاضي وهُم في قرارَة أنفسهم يَدرون تمامًا أن المُتهم الذي يُدافعون عنه هو مُجرم بكل ما للكلمة مِن مَعنى؟!
أسئلة كثيرة تعبر رأسي تُغيّر وَتُبدّل أفكاري وَتُقلّب في قلبي المشاعر.
تُعاودني الذاكرة, أنه عندما كنا صغارًا كانت مِهنة المُحاماة بالنسبة للكثيرين حُلم كبير وجَميل يَصعب لأيّ كان الوُصول إليه! وأنظر إلى هذه المِهنة التي كانت يومًا تحمل رسالة نقيّة صافية تدعو للحق وأتفحص تدريجها في يومنا هذا لأجدها أصبحت مِهنة بمتناول الأغلبية الذين باعوا ضَمائرهم مُقابل المال والصّفقات الرّابحة!!
صَفقات بالنسبة لهم رابحة طبعا, لكنّها ستكون خاسِرَة في النّهاية لا مَفر, لكلّ بداية هُناك نهاية أيضًا.
صَفقات مالية تُبرم بين المُجرم ومُحاميه عَلى حِساب مَصائب الآخرين وأوجاعهم!! مُخجل حَقا.
يَنتابُني نوع من الإحباط حَقيقة كلما مَرّ في بالي هذا المنظر ويبدأ عقلي بالتفكير كالعادة مُجددًا, كيف لنا كمجتمع عَربي أن نرتقي يومًا لدرجة الجيّد, والقتل بأسباب وبدون أسباب يَخترق أخلاقنا كسُرعَة الضّوء؟!
كيفَ لمُجتمعنا أن يتخلّص من العنف والقتل ما دامَ هُناك أشخاص يَتمثلون بهَيئة مُحامين وَيُدافعون عَن مَن هُم وَراء هذه الأعمال الإجراميّة؟؟!!
كيفَ لنا أن نُحدّ مِن هذه الظواهر المُخيفة في مُجتمعنا ما دامَ هُناك مَن يَأخذ نفسًا عَميقا عِند رُؤية مالهِ يَشتري ضمير مُحام لكي يُمثله أمامَ القضاء وَيُدافع عَن جرائمهِ بكلّ بساطة؟!
كيفَ سَينتهي المُجرمون مِن مُجتمعنا أو يَقلّ عَددهُم حَتى؟؟ ما داموا يُدركون تمامًا مِن البداية أنّهم لن يَنالوا عِقابهم كما يَجب؟!!
مَتى سَوف نَنعم بأمن وأمان دونَ أسلحَة رَهيبَة تكمنُ وَتختبئ هُنا وَهُناك؟! وَهُناك دائمًا مَن يُدافع عن مُخبّئها ليطلقَ سَراحهُ ليتمّ بَعدئذٍ استعمالها مِن قبلهِ عَلى أرواح البَشر؟!!
بَينما تدور كلّ تلكَ الأسئلة في عَقلي باحِثة عَن أجوبَة وَحُلول, يَزداد الطين بلة عندما يُقال لي أنّها لقمة عَيشهم!! وَمَصدر رزقهم!! ألم يَبقى هُناك سِوى قضايا القتل للدّفاع عَنها؟ مُجتمعنا ما شاء الله يَنعم بجميع القضايا المُختلفة والعالقة عَلى جَميع الأصعدَة وليس هُناك باب رزق مَسدود أمام أحَد!
هُناك مَن هُم أولى بذلك الدّفاع, هُناك أشخاص سُلبت أراضيهم! أشخاص هُدمت بيوتهم! أشخاص نُصب عليهم! أشخاص طردوا من منزلهم! طلاب تعلموا وكدحوا ليتلقوا شهادات زائفة! أطفال يَتامى ينتظرون حُقوقهم! نِساء تعرّضن للعُنف الجَسدي وَالجنسي! أصحاب مَصالح تؤكل حُقوقهم مِن قبل أشخاص مُنحرفين أخلاقيًا عُمال يُستغلون مِن قبل مُشغليهم وَغيرهم مِن القضايا التي تحتاج لمن يَبث فيها ويُدافع عَنها بكلّ عزيمَة وقوّة وضَمير!
مِن نَظرَتي الخاصّة...
القتل المُتعمّد جَريمَة كُبرى وَالدّفاع عنها جُرم أكبر بكل مَعنى الكلمة! وهذا ما يُعطي مُجتمعنا تأشيرَة للتدنّي أكثر وأكثر نحو الحَضيض! بالطبع إضافة إلى العَديد من الأسباب التي لا تُعد ولا تُحصى مِثل غياب الأخلاق وضَياع التربية والتعليم وتلاشي القيَم والمَبادئ وقلة الوَعي والثقافة وانتهاء دور أصحاب الشأن وكبار السّن والأهداف السّياسيّة المُحيطة بمُجتمعنا دائمًا وأبدًا.
مَن يَقف مَوقف الدّفاع عن مُجرم قاتل مُتعمّد قتل ببرودَة أعصاب أي شخص أمامهُ دونَ أسباب تُذكر وَمَن يُدافع عن تُجّار الأسلحَة وَمُخبئيها وَمُستعمِليها لا يَحق لهُ التباهي بإنجازات مِهنتهِ! فهذا الفشل بعينهِ لهُ ولمُجتمعهِ!
صَراحَة لقمة العَيش جميلة لكني لا زلت أؤمن إيمانًا تامًا أن الضّمير أجمل!!
بالفِعل كما قالَ أبو الطيّب المُتنَبّي: "مَصائِب قوم عِندَ قوم فَوائد"! للأسف.

بقلم: أزهار أبو الخير- شَعبان،عَكّا

مقالات متعلقة