الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 23:01

الصراع الغربي– الإسلامي بين الحقيقة والوهم؟!/ بقلم: إبراهيم صرصور

كل العرب
نُشر: 14/04/16 01:20,  حُتلن: 03:23

إبراهيم صرصور في مقاله:

إسلامنا ... ديننا ... قرآننا ... نبينا صلى الله عليه وسلم .... تاريخنا ... واقعنا ... أكبر شاهد على جريمتهم منذ أن كان الإسلام وإلى اليوم

الهوس غير المبرر الذي يسيطر على عدد كبير من متخذي القرار في العالم والذين ذهبوا في تعاملهم مع الإسلام والمسلمين إلى مدى بدأ يهدد وبشكل سافر الأمن العالمي

لا يمكنني أن أحَمِّلَ الغرب وحده مسؤولية ما حَلَّ بنا وما يَحُلُّ بنا حتى اليوم فلو أن العرب والمسلمين ملكوا الحصانة الفكرية والإيمانية والتنظيمية لما تجرأ احد في الأرض مهما بلغ في طغيانه أن يركب لهم ظهرا

ذكرتني الحرب العالمية الجديدة التي يشنها تحالف غربي – صهيوني – عربي ضد الإسلام وحملة مشروعه الوسطي، فلا يفرقون في حربهم هذه بين (دخيل عميل!!) وبين (أصيل)، بندوة اشتركت فيها قبل مدة في احدى الجامعات مع ثلاثة من الخبراء في مجال الإسلام السياسي ( والإرهاب الإسلامي !!! ) كما يسمونه، لبحث قضية الإسلام والغرب على ضوء الواقع الذي يعيشه العالم اليوم ... عرض المنظمون في بداية الندوة فيلما وثائقيا حمل اسم " الهوس – حرب الإسلام الراديكالي على الغرب "، امتلأ كما يتخيل الجميع بصور جُمِعت من شتى المصادر، مُدَعَّمَةً بتحليلات عدد من ( أهل الرأي !!! ) من العُرْبِ والأعاجم، وضعت الإسلام علاوة على المسلمين في خانة " التهديد الأكبر " على الحضارة الغربية خصوصا، وعلى الإنسانية كلها عموما...

لم يكن من الصعب تفنيد ما جاء في الفيلم الوثائقي على اعتبار انه لم يكن في أحسن الأحوال إلا فيلماَ دعائياً مضللا ( بروباغاندياً ) من النوع الرخيص، حشاه مُعِدّوه وبشكل يفتقد إلى أبسط قواعد العمل الصحفي المهني المحايد والمنصف، بكل ما وصلت إليه أيديهم من قِطَعِ المعلومات المشوهة والمستفزة لغرائز الناس، والمحرضة بشكل دموي على امة ودين ما زال المحايدون من أهل الغرب والشرق يعترفون له بفضله على الإنسانية في الماضي والحاضر، رغم ما يخوضه من مواجهات وعدوان لا ينتهي هو الأعنف في وحشيته وقسوته على امتداد تاريخ البشرية .... يجب أن اعترف هنا أن هذا لم يكن رأيي وحدي في الفيلم، بل كان رأي بعض المحاضرين المشاركين في الندوة وإنْ من زوايا مختلفة، مما فتح المجال لنقاش موضوعي إلى أبعد الحدود بعيدا عن التعصب والآراء المسبقة ...

ذكرني هذا الموضوع بقصة تشير بشكل أو بآخر إلى " الهوس " غير المبرر الذي يسيطر على عدد كبير من متخذي القرار في العالم، والذين ذهبوا في تعاملهم مع الإسلام والمسلمين إلى مدى بدأ يهدد وبشكل سافر الأمن العالمي والاستقرار الدولي ... لا شك عندي في أن هؤلاء المتنفذين من أهل السياسة في الغرب وعكاكيزهم من القيادات الدينية والأكاديمية، كغيرهم ممن طواهم التاريخ في الماضي ، قد ينجحون لبعض الوقت في ترويج كذبهم المُؤَجِّجِ لنار الصراعات بين الحضارات والأديان والثقافات، إلا أنهم لن ينجحوا في ذلك كل الوقت ... وعليه فأنا على ثقة من أن اليوم آت والذي ستمتلئ فيه الأرض قسطا وعدلا، بعد أن ملأها الظالمون جورا وعسفا وظلما ...

تروي القصة أن مهاجرا عربيا يعيش في أمريكا، رغب في أن يزرع البطاطا في حديقة منزله، ولكنه لا يستطيع لكبر سنه ... فأرسل لابنه الذي يدرس في باريس عبر البريد الالكتروني هذه الرسالة:

الأب : " ابني الحبيب خالد ... تمنيت أن تكون معي الآن وتساعدني في حرث الحديقة لكي ازرع البطاطا فليس عندي من يساعدني".

وفي اليوم التالي استلم الأب الرسالة التالية:

الابن : " أبي العزيز ... أرجوك ... إياك أن تحرث الحديقة لأني أخفيت فيها شيئا مهما ... إذا رجعت سأخبرك ما هو .... ابنك خالد".

لم تمض ساعة على الرسالة وإذا برجال ( ال - اف بي آي ) والاستخبارات والجيش، يحاصرون المنزل ويحفرونه شبرا شبرا ... فلما لم يجدوا شيئا غادروا المنزل؟؟؟

وصلت رسالة للأب من ابنه في اليوم التالي:

الابن: "أبي العزيز... أرجو أن تكون الأرض قد حرثت بشكل جيد ... فهذا ما استطعت أن أساعدك به وأنا في باريس... وإذا احتجت لشيء آخر اخبرني وسامحني على التقصير... ابنك خالد...".

قد تكون القصة خيالية، إلا أنها تعكس وبشكل واضح حقيقة الهجمة الغربية واتساعها ضد العرب والمسلمين، والتي استباحت اخص خصوصيات الأفراد والجماعات ... تبدأ كما رأينا في القصة بمراقبة التلفونات وملاحقة أصحابها دون هوادة، وتتسع في عنفها وشراستها إلى حدود لا يمكن التنبؤ بها: الغزو والاجتياح واستباحة الأرض والعرض، وإزهاق الأرواح وسفك الدماء وحرق الأخضر واليابس، وهي بعضٌ من ( بركات !!! ) هذا الغرب على عالمنا العربي والإسلامي من الفلبين وحتى أفغانستان والعراق والشيشان وفلسطين، علاوة على دعمه المباشر وغير المباشر لأنظمة الفساد والاستبداد في عالمنا العربي التي تفتك بشعوبها قتلا وتهجيرا كما يحدث في سوريا ومصر واليمن وليبيا وغيرها.... وبعد ذلك يسألون: لماذا يكره العرب والمسلمون أمريكا وإسرائيل والغرب، إلى درجة يصبح معها الغرب كله وبلا استثناء نسيجا واحدا من العداء والعدوان، لا يملك بعض المسلمين أمامه إلا أن يعلن عليه حربا لا هوادة فيها أيضا ... ؟؟!!...

إسلامنا ... ديننا ... قرآننا ... نبينا صلى الله عليه وسلم .... تاريخنا ... واقعنا ... أكبر شاهد على جريمتهم منذ أن كان الإسلام وإلى اليوم .... التاريخ القديم والحديث مليء بالشواهد على ذلك ... كما أن تاريخنا في اغلبه الأعم دليل على رحمته المركوزة في أصله، والتي انساحت في ربوع العالم نورا وهدى وصلاحا وعلما وتقدما ورفاهية، عاش تحت ظلها الجميع بأمن وأمان وسلم وسلام ....


لن تنجح قوى الاحتلال الظلامية التي تطمع في السيطرة منفردة في إقناع الرأي العام الغربي بالقبول بأساليب معاملة القوات الإسرائيلية المحتلة للفلسطينيين وإقرار حروب النهب الأمريكية في الخليج العربي وحوله، والتي في سبيلها تعتمد هذه القوى تقنيات متطورة لدعاية تنزع الطبيعة الإنسانية عن العدو، وتختزل قضيته السياسية العامة في الظلامية الدينية، وتُلْبِسُ في المقابل القاتل مسوح الرهبان وحُلَلَ القديسين، وتضع في يديه الملطختين بدماء ضحاياه الأبرياء صحائف ادعوا أنها من عند الله، وأعلاما جعلوها عنوانا للمساواة والعدالة وحب الإنسان، وما هي في الحقيقة إلا قناعا تختبئ من ورائه خلاصة الشر التي تفوقت في بشاعتها على شر الشياطين والأبالسة أجمعين، من يوم خلق الله سبحانه الخَلْقِ وإلى يوم الدين ...

لكني مع ذلك لا يمكنني أن أحَمِّلَ الغرب وحده مسؤولية ما حَلَّ بنا وما يَحُلُّ بنا حتى اليوم، فلو أن العرب والمسلمين ملكوا الحصانة الفكرية والإيمانية والتنظيمية، لما تجرأ احد في الأرض مهما بلغ في طغيانه أن يركب لهم ظهرا، وهم الأقوى والأثرى والأعظم مبدأً وعددا وعتادا ...

عندما نملك الجرأة للاعتراف بأن الانحطاط ثاو فينا، وأنه ما أساء احد إلينا كما أسانا نحن لأنفسنا، وعندما ندرك أن أي تغيير في واقعنا لا بد له من بداية، وأن هذه البداية لا بد لها أن تأتي من داخلنا ... حينها وحينها فقط سنبدأ رحلة الصعود، ولا بد لهذا الصعود أن يبلغ كماله وغايته في يوم ما ... عندها يفرح المؤمنون بنصر الله ... عندها وعندها فقط سنعود كما أرادنا الله : رحمة للعالمين، لا قطاعا للرؤوس، ولا مصاصين للدماء، ولا متشوقين إلى قطع الأعناق كما يفعل بعض الجهلة من بني جلدتنا ممن يشكلون الطابور الخامس الأخطر على الإطلاق والخادم لأعداء امتنا والمتربصين بنا وبمستقبلنا، عرفوا ذلك أم جهلوه ... ولكن شاهدين ومبشرين ومنذرين وداعين إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ...أشداء ولكن في رحمة ... رحماء تدمع عيوننا لألم الإنسان .. أي إنسان ولكن في شموخ ... هذا هو منهج الإسلام ... فما لكم يا كل المسلمين ... كيف تحكمون ؟؟؟

قيادي في الحركة الإسلامية داخل الخط الاخضر

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة