الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / مارس 12:02

متاهة المفاوضات الثنائية/بقلم:د.هاني العقاد

كل العرب
نُشر: 21/03/16 11:49,  حُتلن: 07:49

د. هاني العقاد في مقاله: 

نتنياهو يدرك اليوم أن فرنسا لو نجحت في الإعداد للمؤتمر الدولي للسلام فأنها ستفرض حلا دوليا على اسرائيل قد لا يناسب اسرائيل بالمطلق

نتنياهو بات يدرك تماما ان امام اسرائيل مرحلة شاقة وعسيرة تستدعي الاستعداد لها ومواجهتها ليس بالرفض وانما بطروحات مكررة جربت اكثر من مرة كالمفاوضات الثنائية

يتطلب من الفلسطينيين الثبات عند موقف واحد والحرص على عدم قيام احد بفتح بوابات خلفية مع الاحتلال وإتخاذ قرار مركزي يحدد الأسس التي يقبل على أساسها الفلسطينيين بالعودة للتفاوض ويقضي القرار بعدم التفاوض الثنائي دون رعاية دولية 

دائرة هامة جدًا من دوائر المؤسسة السياسية الإسرائيلية مهمتها متابعة كافة التحركات الدولية فيما يختص بالصراع، ورصد وتسجيل وتحليل كل تصريح صادر عن أي رئيس دولة عربية او أجنبية، بل وتعمل على متابعة كل ما يدور بالكواليس لكل إجتماع يعقد بين الرئيس أبو مازن وأي رئيس آخر او أي ضيف يأتي الى فلسطين، ويسجل كل مؤتمر صحفي سواء بإرسال طواقم إعلامية اسرائيلية او أجنبية تعمل بالوكالة وكل خطة او مبادرة او افكار تهدف في النهاية لمنح حق تقرير المصير للفلسطينيين و بالتالي تقوم هذه الدائرة بإسناد مهمات فورية لمستوي التخطيط بإختراع مبادرة او خطة اسرائيلية مقابلة بهدف إحتواء ما تحاول بعض قوي خارجية الترتيب إليه وهذا ينسحب الان على المبادرة الفرنسية التي تعد تنسق لها باريس منذ فترة طويلة.

نلاحظ الفترة الأخيرة تكرار إطلاق نتنياهو تصريحات تكتيكية حول إستعداد اسرائيل للجلوس على طاولة المفاوضات مع الفلسطينيين دون أي شروط مسبقة وهذه برأي "خطة هروب مكررة" عرفناها منذ زمن لا تستدعي حتى التفكير فيها لان نتنياهو يمتلك متاهة معقدة جدا اسمها "متاهة المفاوضات الثنائية" يعتمد فيها العديد من المسارات الوهمية والطرق المغلقة بحيث يتم إدخال الفلسطينيين لكل مسار يعنون بقضية من قضايا الصراع كالحدود مثلا ويقضي عشرات جلسات المحادثات دون أن يحقق شيء ولا يصل في النهاية الى شيء بل الى طريق مسدود بجدار من الرفض الاسرائيلي المحكم، ومن ثم يحاول خبراء التفاوض لدي إدارة نتنياهو ادخال الفلسطينيين مرة أخرى الى مسار جديد من مسارات المتاهة وهكذا دواليك.

يعود نتنياهو لذات التصريحات التي لا يملك غيرها وهي المفاوضات الثنائية بلا شروط مبديا استعداده كل مرة للتفاوض دون أي أسس ودون أي إعتراف بحق الفلسطينيين في ارضهم ولا حتى الإعتراف بأنهم شعب يجب أن يعيش كباقي الشعوب على سطح هذه الارض، والصورة الخلفية لهذه التصريحات إستمرار سياسة الاحتلال في تكريس "حكم ابارتهايد" للفلسطينيين تؤكد أن نتنياهو يعتمد خطة هروب أمام العملية السياسية والحراك الدولي لكنها خطة مكررة، ويأتي إستعداد نتنياهو هذه المرة بعدما بدأت الأفكار الفرنسية تظهر على مسرح الصراع السياسي بإعتبار أن بقاء الاحتلال يبقي حالة التوتر بالعالم أجمع وبرغبة المجتمع الأوروبي أن يسابق بتغير موقعة من الصراع فلم يعد يفضل البقاء في الكرسي الخلفي ليشاهد واشنطن تهيمن على مجمل قضايا الصراع بلا تدخل إيجابي او تدخل حقيقي يفضي الى أمن وإستقرار المنطقة برمتها.

نتنياهو يدرك اليوم أن فرنسا لو نجحت في الإعداد للمؤتمر الدولي للسلام فأنها ستفرض حلا دوليا على اسرائيل قد لا يناسب اسرائيل بالمطلق لان اسرائيل تعتقد أن حلولا دولية قادمة ستفرض عليها دولة فلسطينية مستقلة علي حدود الرابع من حزيران 1967، لذا فإن اسرائيل وواشنطن لا ترغبان حتى اللحظة في تمكين فرنسا من النجاح، إلا انني اصبحت على يقين أن فرنسا قطعت نصف الطريق واكثر في سبيل تشكيل مجموعة الدعم الدولي ومن ثم عقد المؤتمر الذي سيقر في النهاية إنهاء الاحتلال على أساس جدول زمنى يمكن الفلسطينيين من إقامة دولته المستقلة وبالتالي يجبر اسرائيل على التفاوض تحت المظلة الدولية مع الفلسطينيين وليس بشكل ثنائي يمثل "متاهة" تفاوض لا اكثر ولا اقل، ولعل آخر مفاوضات رعتها أمريكا في منتصف العام 2014 شاهدة على مدي تعقيد "المتاهة" التي ابتكرها نتنياهو اوصلت الجميع الى طريق مسدود لم تستطع واشنطن بقدها وقدرها أن تفتح ولو ثغرة بسيطة في جدار التعنت الاسرائيلي تسمح بأن تحدث تلك المفاوضات اختراق معين يكتب للعملية السياسية الحياة.

نتنياهو بات يدرك تماما ان امام اسرائيل مرحلة شاقة وعسيرة تستدعي الاستعداد لها ومواجهتها ليس بالرفض وانما بطروحات مكررة جربت اكثر من مرة كالمفاوضات الثنائية، لهذا فان نتنياهو يسابق الزمن اليوم للإجهاز على حل الدولتين بضم مزيد من الأراضي لكيانه سواء بالضفة والقدس او على طول الحدود الشرقية مع الاردن ليلغي أي تواصل للدولة الفلسطينيين مع عمقها العربي وبالتالي يقضي على أي شرايين حياة لهذه الدولة، ومن جديد يطرح نتنياهو "متاهة المفاوضات الثنائية" دون اسس ودون مرجعيات، لكن أمام رفض الفلسطينيين وأمام الضغط الأوروبي وضغط المبادرة الفرنسية قد يجبر على الإعتراف التكتيكي ببعض الحقوق المبتورة للفلسطينيين وبالتالي الموافقة على دولة مؤقته بلا عاصمة وبلا حدود وبلا حل لقضية اللاجئين وهذا الاخطر.
كل هذا يتطلب من الفلسطينيين الثبات عند موقف واحد والحرص على عدم قيام احد بفتح بوابات خلفية مع الاحتلال وإتخاذ قرار مركزي يحدد الأسس التي يقبل على أساسها الفلسطينيين بالعودة للتفاوض ويقضي القرار بعدم التفاوض الثنائي دون رعاية دولية واسعة تحدد المرجعيات الشرعية والدولية ومبادرة السلام العربية، ويحرم التفاوض دون جدول زمني ينهي الاحتلال، في المقابل يتوجب على الفلسطينيين تكثيف التحرك الدولي لشرح تعقيدات الموقف السياسي وخطورة المفاوضات أي كان شكلها في ظل ما تمارسه اسرائيل من قتل وهدم واستيطان وسرقة اراضي بزعم انها اراضي "دولة اسرائيل" وبالتالي حشد مزيد من الدعم الدولي لصالح تشكيل مجموعة الدعم الدولي للمبادرة الفرنسية الاسراع في عقد المؤتمر الدولي لحل الصراع، وفي ذات الوقت السعي لإستصدار قرار اميي يفضي بالزام اسرائيل بوقف الاستيطان في كل اراضي العام 1967 بما فيها القدس الشرقية .

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة