الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / مارس 11:01

المثقف العاري/ بقلم: حسين الديك

كل العرب
نُشر: 07/10/15 10:36,  حُتلن: 07:09

حسين الديك في مقاله:

في الحالة العربية نجد أن الواقع يختلف كثيرا عما هو في الغرب فقد غابت عن كل التحركات الجماهيرية العربية في العصر الحديث رؤية المثقف العربي

رغم كل الحراك التي تمر به الساحة الفلسطينية من تحركات دبلوماسية على المستوى الدولي والاقليمي ورغم التحرك الشعبي الجماهيري في مواجهة الاحتلال لم نرَ اي تحرك من اي مثقف فلسطيني داعم او مساند او لربما معارض لما يحدث على الساحة الفلسطينية

لقد ارتبط مفهوم المثقف عبر التاريخ بالدور الفعال والمؤثر في الحياة السياسية او الثقافية او الاجتماعية او الاقتصادية، وتطور هذا المفهوم عندما جاء المفكر والفيلسوف الايطالي انطونيو غرامشي بنظرية المثقف العضوي والذي اعطى مفهوما واضحا للمثقف العضوي وهو المثقف القادر على احداث تغيير ايجابي في الحياة السياسية، ولقد ترافقت حركة التاريخ الثوري في اوروبا بمرافقة المثقفين للحركات الثورية، اذ اصبح لكل ثورة منظرين من المفكرين والمثقفين الذي يساندون ويدعمون تلك الثورات ويوجهون البوصلة لها وفق النهج الثوري الحقيقي بما يخدم مصلحة شعوبهم في تحقيق مطالبهم المشروعة.

وفي الحالة العربية نجد أن الواقع يختلف كثيرا عما هو في الغرب، فلقد غابت عن كل التحركات الجماهيرية العربية في العصر الحديث رؤية المثقف العربي، بل ان دوره كان هامشيا وغير مؤثر، وهذا عائد الى عدة عوامل من اهمها الثقافة السائدة في البلاد العربية وخاصة ثقافة الجهل والخوف والريع، اضف الى ذلك انتشار ظاهرة شعراء البلاط في العالم العربي والقضاء على اية ظاهرة ثقافية تسمو لخلق مثقف عضوي عربي في بلده، اذ يتم محاصرة اية ظاهرة واحتوائها فيصبح المثقف العربي هو اداة من ادوات القمع والتبرير والتصفيق للنظام السياسي العربي ويتحول الى ظاهرة تاريخية عربية معروفة وهي شعراء البلاط وشعراء السلاطين الذين يمدحون ويفخرون ويكتبون للحاكم سعيا وراء ارضائه والحصول على الامتيازات من المال والجاه والمنصب، وما زالت هذه الحالة رائجة في عالمنا العربي.

وفي الحالة الفلسطينية التي نعيشها اليوم، فظهر لدينا ظاهرة جديدة وهي ظاهرة المثقف العاري والتي تختلف عن الظواهر السابقة ظاهرة المثقف العضوي وظاهرة شعراء البلاط، فجميعنا نعلم ان الانسان العاري هو الشخص الذي يكون مكشوف الجسم ولا يستر جسمه اي نوع من الملابس ويستحي ويخجل ان يظهر امام الناس وامام اهل بيته ايضا، وهذا ما ينطبق على المثقف الفلسطيني اليوم، فرغم كل الحراك التي تمر به الساحة الفلسطينية من تحركات دبلوماسية على المستوى الدولي والاقليمي، ورغم التحرك الشعبي الجماهيري في مواجهة الاحتلال، فلم نر اي تحرك من اي مثقف فلسطيني داعم او مساند او لربما معارض لما يحدث على الساحة الفلسطينية، لم نسمع صوتا، ولم نر وجها، ولم نقراء نصا، ولم نسمع صرير قلك يصدح في عالم الهدوء الداكن ؟؟!!!

اليست الجامعات الفلسطينية مجتمع مليء بالمثقفين؟؟ اليست المؤسسات الاهلية مركزا مهما لهؤلاء المثقفين؟؟ اليست فلسطين من اكثر البلاد تعلما وانتشارا للعلم والتعليم؟؟ اليست الحرية هي اسمى وانبل امنيات الشعب الفلسطيني؟؟ اليس التحرك الدولي والداخلي الفلسطيني سببا محركا ودافعا قويا ليقول هذا الحشد من مثقفينا وكتابنا كلمتهم؟؟!!!.

ولكننا امام هذا الغياب اللافت والمفاجىء والذي لم اجد له اي تفسير في قاموس اللغة العربية، وصلت الى حقيقة واحدة فقط اننا امام ظاهرة جديدة في فلسطين وهي ظاهرة المثقف العاري الذي يغيب عن الانظار وعن اعين الناس في اوقات المحن والشدائد والمواقف الصلبة وكأنه يستحي ويخجل ان يعبر عن رايه وموقفه من الحالة السياسة الهامة التي يمر بها شعبنا الفلسطيني، ونراه يخرج الى العلن والى الكتابة والتصريحات والشعارات الرنانة والمقالات البراقة والجذابة في اوقات الهدوء والاستقرار، نعم هي ظاهرة جديدة على مجتمعنا الفلسطيني ولكنها ظاهرة يجب مراجعتها والحديث عنها في ادبياتنا المعاصرة، نعم هي ظاهرة المثقف العاري في فلسطين.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net 


مقالات متعلقة