الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 21:01

ليدي- الموسيقى في الحمل لجنين هادئ ومتفوّق

خاص بمجلة ليدي
نُشر: 14/04/15 14:31,  حُتلن: 18:23

د. منذر عزام:

الجنين يستطيع سماع الأصوات وتمييز النغمات بدءاً من الشهر الثالث للحمل

الجنين يتأثر إيجاباً بالموسيقى الناعمة فهي تؤدّي إلى تهدئة ملحوظة في نبضات قلبه في حين أن سماعه الصاخبة يسبب زيادة في هذه الضربات

توصلت دراسات عدة إلى التأكيد أن تأثير الموسيقى في الإنسان يبدأ منذ تكوينه جنينياً، وفي هذا الإطار يرى د. منذر عزام اخصائي الجراحة النسائية والتوليد والعقم، أنه بات متعارفاً علمياً أن جميع الأمور التي تأخذ حيزاً من تفكير الإنسان، وخصوصاً النفسية منها، هي عبارة عن مزيج مما يتوارثه وما يحيط به.



بمعنى أوضح أن كل الأمراض التي تدخل في إطار الطب النفسي مثل الكآبة أو الفصام وغير ذلك، ناجمة عن إفرازات معيّنة ذات قدرة على تغيير أمور عدة في الإنسان توارثها في مرحلة ما قبل الولادة، وتحديداً خلال تكوينه داخل أحشاء أمه، لتواجه في ما بعد أموراً في محيطه الخارجي من شأنها التأثير في هذه الإفرازات، فإما أن تزيدها وإما تخفف منها.

الموسيقى بحد ذاتها أحد الأمور التي تطرأ على الجنين من محيطه الخارجي، وتعمل على تنشيط الإفرازات الداخلية الدماغية الموجودة لديه في مرحلة سابقة للولادة، أي في فترة التكوين، ثم تقوم بتحريكها لتكوّن لديه رد فعل معيّناً. فإذا كان للجنين موروثة تجعله أكثر ميلاً الى الاكتئاب، فعندها تمتزج الموسيقى التي يسمعها مع الإفرازات الداخلية لتساعده على عدم إخراجها لاحقاً، فتظهر عليه ملامح الاكتئاب، لكن لتساعده على المحافظة على هدوئه.

الأذن تسمع أولاً
وحول الدراسات التي بيّنت أن الجنين يستطيع سماع الأصوات وتمييز النغمات بدءاً من الشهر الثالث للحمل، إذا ما أخذنا في الاعتبار أن الأذن هي أول عضو يتكوّن عند الجنين، يقول د. منذر إن الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل هي مرحلة تكوينه، لذا تُمنع الحامل من تناول الأدوية تفادياً لإصابته بتشوّهات. وبعد مضي هذه المرحلة حيث تكون جميع الأعضاء اكتملت، ومنها تلك الخاصة بالسمع، يصبح الجنين قادراً على سماع الأصوات المحيطة به، ومن بينها الموسيقى والتفاعل معها والتمييز بينها إن كانت مصدر إزعاج له أو هدوء وسلام وراحة نفسية.

تنظيم ضربات القلب
ويضيف د. منذر أن دراسات أخرى خلصت إلى أن الجنين يتأثر إيجاباً بالموسيقى الناعمة فهي تؤدّي إلى تهدئة ملحوظة في نبضات قلبه، في حين أن سماعه الصاخبة يسبب زيادة في هذه الضربات. تماماً كما هي الحال عند الكبار الذين تتفاعل هورموناتهم مع الأجواء الصاخبة المحيطة بهم، فيرتفع الأدرينالين، وهذا ما يضعهم في مواجهة أزمة نفسية دقيقة.

إن إفرازات الأم في الحمل من شأنها التأثير بطريقة مباشرة في الجنين، تماماً كما يحصل عندما يتأثر شريان الحامل الذي يمدّ طفلها بالغذاء، وذلك بسبب اضطراب الهورمونات والإفرازات الناجمة عنها، الأمر الذي يؤدّي إلى تأخر نموّه الجسدي وحتى العقلي. ولا شك في أن للموسيقى دوراً كبيراً في طبيعة الإفرازات عند الأم الحامل التي تؤدّي دورها السلبي أو الإيجابي في تنظيم ضربات قلب الجنين. وإزاء هذا الواقع ينصح علم النفس الحامل بالمواظبة على سماع الموسيقى الهادئة إذا رغبت في طفل يتمتّع بمعايير السلامة العقلية والذهنية.

تذوّق الموسيقى
إذا كان الجنين يقدر على سماع الأصوات وتمييز النغمات الموسيقية بدءاً من الشهر الثالث للحمل، فإنه يستطيع بعد سنوات قليلة من ولادته تذوّق الأغاني والألحان. وهذه المعادلة، كما يقول د. منذر، هي التي تجعل من الممكن ولادة أطفال أكثر موهبة موسيقياً من غيرهم. وتشير الأبحاث إلى أن موهبة الموسيقى تبدأ في مرحلة سابقة للولادة أي في الحمل. فالجنين الذي يشعر بالراحة التي تعيشها أمه نتيجة سماعها الموسيقى الهادئة، لا بدّ من أن يتعلّق بها هو أيضاً، وإذا كانت لديه الموروثة التي تساعده على تنميتها، فمن دون أدنى شك سوف يكون في المستقبل إنساناً متذوقاً لها. لكن في المقابل قد يملك جنين آخر الموروثة نفسها، غير أن المحيط الصاخب الذي تعيش فيه أمه والإفرازات الهورمونية الناجمة عنه، من شأنها أن تجعله ينفر من الموسيقى.

تنمية القدرات
يبرز دور الموسيقى جلياً في مساعدة الأم على تنمية قدرات طفلها المستقبلية، ما يؤكّد الصعوبات التي تواجهها في تربية أولادها، وتبدأ منذ تكوّنهم في أحشائها لجهة أمور لا يحسب لها كثر حساباً، مثل استخدام الموسيقى للوقاية من أمراض معيّنة أو تنمية مواهبهم الذهنية، طبعاً إذا كانوا مؤهلين لذلك وراغبين فيه. فكلما كان الجنين هادئاً، تمكّن من استيعاب محيطه، وبالتالي تنمية قدراته الذهنية بشكل سليم، وأصبح في استطاعته في مرحلة لاحقة بعد الولادة تلقف المعرفة والعلم.

لا ينفي د. منذر ان يكون للقدرة الإلهية دور في اكتساب الطفل للمعرفة إذا ما أخذنا بالقول المأثور عند بعض الأهل: «العلم موهبة من عند الله». إلا أن للمحيط أيضاً دوره الكبير في صقل موروثات الطفل، التي إما أن توجّهه نحو العلم وإما تحمله على النفور منه. ويأتي هنا دور الموسيقى التي تحفّزه على العيش مع محيطه فيتمكن من التواصل معه بأكبر قدر من الهدوء والسلام.

ولادة سهلة
ويرى د منذر رابطاً قوياً بين الموسيقى والولادة، فهي، تساعد على توفير ولادة سهلة وسريعة. فكلما كان للأم مخزون من الموسيقى الهادئة في فترة الحمل، تمتّعت بالقدرة على تحمّل الألم خلال المخاض، وبالتالي تكون عملية خروج الطفل أكثر سلاسة. والعكس يصح أيضاً، فكلما كانت المرأة محاطة بأجواء وموسيقى صاخبة، لن تكون قادرة على تحمّل الأوجاع وستعاني تشنجات في العضلات، الأمر الذي من شأنه تعقيد عملية الولادة. من هنا، كان نشوء النظرية التي تقول بضرورة وضع موسيقى هادئة في غرف العمليات في المستشفيات، ولا سيما في حجرة الولادة، إفساحاً في المجال أمام ولادة سهلة خالية من أي تعقيدات.

في الخلاصة، مهما تضاربت الآراء حول دقة النظرية التي تقول بأهمية الموسيقى في الحمل، إلا أنه بات من المؤكّد تأثير المحيط على الإنسان بشكل عام، والحامل بصورة خاصة، والموسيقى تبدو من أكثر العوامل التي تسيطر على ما ومن حوله: فإما أن تجعل منه محيطاً صاخباً، وإما العكس.

مقالات متعلقة