هذه الفترة الزمنية تتيح الفرصة لمبارك لصياغة اسطورته التي يجب ان يدونها التاريخ له

نطالع في صفحات الرأي الالكترونية لصحيفة الجارديان البريطانية مقالة علق من خلالها كاتبها جوليان بارجير على تصريحات المبعوث الامريكي الى مصر فرانك وايزنير المثيرة للجدل. فعلى حد تعبير بارجير ان تصريحات وايزنير تثير تساؤلات حول الموقف الحقيقي لادارة اوباما حيال الثورة المصرية والى أي الجانبين تقف. حيث بدأ وايزنير تصريحاته بالتوضيح ان منصب رئيس الجمهورية يشغره الناطق باسم البرلمان في حال خلوه, الى ان تجرى انتخابات لتعيين رئيس جديد في فترة زمنية لا تزيد عن 60 يوما. الا انه اعقب بانه يجب تجنب مثل هذه الانتخابات في ظل الظروف الحالية والتي هي غير مقبولة من قبل المعارضة في مصر.

لم يتوقف وازنير عن هذا القدر بل وزاد عليه بالتصريح المباشر بضرورة بقاء حسني مبارك في سدة الحكم, متذرعا بالحاجة الملحة لاشرافه على التغييرات السياسية وانتقال السلطة السلمي المطلوب. وواصل وايزنير تصريحاته بالقول ان هذه الفترة الزمنية تتيح الفرصة لمبارك لصياغة اسطورته التي يجب ان يدونها التاريخ له. فقد قام على خدمة بلده وشعبه على مدار الستين عاما الماضية. لقد اثارت هذه التصريحات حفيظة الخارجية الامريكية التي سارعت بالقول ان تصريحات وايزنير تنم عن موقفه الشخصي لا عن موقف الادارة الامريكية. هذا لخطورة التصريحات التي اعلن عنها وايزنير والتي تثري تساؤلات عدة على حد قول الكاتب منها ما يلي:
. هل العالم باسره ومصر يدينه بمبارك لاعطاءه الفرصة لصياغة اسطورته؟
. هل بالفعل خدم مبارك بلده وشعبه خلال الستين عاما الماضية ام العكس هو الصحيح؟
. من الذي يخط السياسة الامريكية حبال مصر؟ خصوصا وقد تزامنت تصريحات وايزنير مع اعلان وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلنتون بان الادارة الامريكية تدعم نائب رئيس الجمهورية عمر سليمان وعملية انتقال السلطة الى يديه.

ان مثل هذه الحلقة المثيرة للجدل التي احرجت واشنطن تلقن الادارة الامريكية درسا يقيها في المرات القادمة من تعيين مبعوث دبلوماسي متقاعد لا تتماشى سياسته مع الخارجية الامريكية ولا تمثلها. من ناحية اخرى يكتب روبرت فيسك مراسل صحيفة الاندبندنت في القاهرة تقريرا صباح اليوم القى من خلاله الضوء على العلاقات الشخصية التي يمارسها فرانك وايزنير مع نظام مبارك بشكل مباشر. وتساءل كيف لم يلفت احدهم النظر الى تضارب المصالح الذي قد ينجم من تعيينه مبعوثا امريكيا الى مصر في ظل الاحداث الاخيرة.
يقول فيسك ان فرانك وايزنير يعمل لدى شركة محاماة "باتون بوغز" لها فروع في نيويورك وواشنطن تخدم نظام الدكتاتور المصري وحكومته على حد تعبير فيسك. فالشركة تقدم استشاراتها القانونية للمؤسسة العسكرية المصرية, ووزارة المالية وتمثل حكومة مبارك قانونيا لدى الولايات المتحدة واوروبا. ويعرب فيسك عن تعجبه من عدم ملاحظة احد في الادارة الامريكية من تضارب المصالح الذي قد ينجم من وساطة وايزنير ونبايته عنها في مصر, الا ان تكلفة هذا الخطأ كانت باهظة خصوصا بعد التصريحات التي جهر بها وايزنير اخيرا والتي تسببت في حرج لواشنطن كما يقول فيسك.